لأن نقد علم الكلام قديمٌ قِدَم هذا العلم نفسه، وإدراكًا لوجود جدلٍ حيويٍّ
ومتعدد الأبعاد عن إعادة قراءة علم الكلام في الخطاب الإسلامي المعاصر؛ يسعى هذا
الكتاب إلى الإسهام في إمداد النقاش حول إعادة قراءة علم الكلام بدفعات فكرية
جديدة، من خلال تقديم فيلسوف اللغة لودفيغ فتغنشتاين بوصفه مصدرَ إلهامٍ، لا
يتوافق فقط مع اتجاهات قائمة بالفعل في التاريخ الفكري الإسلامي، بل يقدّم أيضًا
حلولًا عميقة لمشكلات جذرية في ميتافيزيقا علم الكلام.
يركز هذا العمل على أطروحة مركزية وهي أن فكر فتغنشتاين يوفّر مادة حيوية
من أجل تفكيك الرؤى الاستعمارية السائدة في النظر إلى التراث الفكري الإسلامي
وإعادة قراءة علم الكلام. وبهذا الصدد تشكّل فصول الكتاب الثلاثة –التي نُشرت سابقًا
بالألمانية والإنجليزية- نسقًا فكريًا متماسكًا يكشف ويناقش عدة قضايا ملحة؛ وهي: ضرورة
تجاوز نموذج «إله الفلاسفة»، وإمكانية فلسفة فتغنشتاين المتأخرة في إعادة تأطير
اللغة الكلامية والفلسفية في الإسلام بوصفها نحوية وليست مشروعًا ميتافيزيقيًا،
إضافة إلى قدرتها على المشاركة في التفكير في العديد من القضايا الأخرى، والحاجة
الملحة لإعادة وصل الفكر الفلسفي والكلامي الإسلامي بتقاليده الخاصة، مع الانخراط
النقدي مع التحديات الحديثة.
لم يصدر بعد، حسب اطّلاعنا، أي كتاب مخصص بالكامل لمناقشة فكر فتغنشتاين من
منظور إسلامي. وبناءً على ذلك، فإن هذا الكتاب قد يعدّ أول عمل مُخصّص لمناقشة
أفكار فتغنشتاين والاشتباك معها من منظور التقاليد الفكرية الإسلامية.